عاقبة طاعة المشايخ والأولياء في مخالفة رسول الله
يقول الشيخ رحمه الله: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي فرض الله على جميع الخلق طاعته فيما أمر وتصديقه فيما أخبر، وجعله الفارق -أي: محمداً صلى الله عليه وسلم- بين أوليائه وأعدائه، وبين أهل الجنة وأهل النار، وبين السعداء والأشقياء، فمن اتبعه كان من أولياء الله المتقين، وجنده المفلحين، وعباده الصالحين، ومن لم يتبعه كان من أعداء الله الخاسرين المجرمين، فتجره مخالفة الرسول وموافقة ذلك الشخص -أي: الذي اتخذه وجعله ولياً- أولاً إلى البدعة والضلال، وآخراً إلى الكفر والنفاق).وهذه هي حقيقتهم أول ما يبدءون بالابتداع والعياذ بالله، وينتهي بهم الأمر إلى النفاق إلى الخروج عن الدين؛ لأن الشيطان إذا أخرجه عن السنة وبدأ يلقي في قلبه تصديق ما يوحى أو ما يلقى إليه وما يقوله شيخه فإنه لا يقف عند حد معين؛ بل في النهاية ربما أمره بترك الجمعة والجماعات، وربما أوهمه أنه يمكن أن يصل إلى الله من غير طريق اتباع محمد صلى الله عليه وسلم، وبذلك يقع في الكفر الأكبر والعياذ بالله.ثم قال رحمه الله: (ويكون له -أي: هذا الذي اتخذ ولياً يقود- نصيب من قوله تعالى: (( وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلًا ))[الفرقان:27-28]).و(فلاناً) هنا تشمل الذين يدعون إلى الفجور، وإلى الخمور، وإلى الفواحش، وإلى الشهوات، ويدخل في ذلك الذين يدعون إلى الضلالات والبدع وإن ادعوا أنهم أولياء لله تبارك وتعالى وأنهم عباد مقربون وصالحون، فالدعاوى وحدها لا تكفي، وكذلك قوله تعالى: (( يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا * وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا ))[الأحزاب:66-67].وليس المراد بالسادة والكبراء الأمراء أو الحكام، أو شيوخ العشائر، أو كبار العوائل فقط، بل أيضاً يدخل فيهم سادة وكبراء الدجل والخرافة والبدعة والتدين الذين يدخلون في هذا الذين ما ليس منه، فكل من اتخذ سيداً مطاعاً وقدم أمره وحكمه ورأيه على ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتباعه يدخلون في هذه الآية، ويقولون يوم القيامة هذه المقالة.قال المؤلف رحمه الله: (وقوله تعالى أيضاً: (( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ ))[البقرة:165]) أي: فهؤلاء ينطبق ذلك عليهم؛ لأنهم يعظمون من يدعون أنهم أولياء هؤلاء ويتبعونهم ويقدسونهم، بل ربما قدموا محبتهم على محبة الله، وجعلوا تعظيمهم أكثر من تعظيم الله، وهذا ثابت في القديم والحديث؛ حتى إنك الآن لو قابلت أحداً من الرافضة أو من هؤلاء الصوفية المتعصبين الغالية أو الموغلين، وأردت أن تستوثق منه وطلبت أن يحلف، فإنه يحلف لك بالله، وإذا لم تصدقه أو شككت في يمينه فإنه يحلف بالولي والعياذ بالله؛ لأنه يرى أن الحلف به أوثق من الحلف بالله عز وجل؛ فيعظمه أكثر من تعظيمه لله، وهكذا حالهم نسأل الله العافية، فلذلك تنطبق عليهم آية البقرة.